Original English post by Shahira Emara, translated by Ramage Nada
بعد مرورعامين على ما يعرف بالربيع العربي، أصبح هناك حاجة متزايدة لوضع إطار هيكلي لفهم التطورات الإقليمية. لا تزال هناك أسئلة لم يتم الرد عليها، وتفسيرات غير حاسمة، ومحاولة مبدئية لتحقيق التنمية. فمن الواضح الآن أنه لن يكون هناك قرارات سريعة في الوقت الذي لا تزال تعاني فيه المنطقة من التعامل مع تداعيات الثورة. ومن تلك التداعيات صعود الإسلام السياسي إلى السلطة.
يناقش المؤتمر السنوي التاسع عشر لمنتدى البحوث الاقتصادية القضايا الراهنة حول التنمية الاقتصادية في إطار صعود الأحزاب الإسلامية. تثير الأحزاب الإسلامية التي تمكنت من الوصول إلى السلطة في دول مختلفة عدة تساؤلات، من حيث تاريخهم، وقدرتهم على الحكم واحتمالات مرور الفترة انتقالية بسلاسة في المستقبل.
إذاً، لماذا حدثت الانتفاضات الإقليمية؟
لم تقدم النظريات سواء السياسية أو الاقتصادية بمفردها تفسيرات منطقية مرضية لهذا الأمر. وفقاً لسامر شحاتة، جامعة جورج تاون، ليس هناك عامل واحد فقط أدى إلى الربيع العربي، وإنما هو نتيجة لمزيج عال من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. قامت الأنظمة السابقة بتقديم الدعم الحكومي، ولكن هذا الدعم لم يكن يصل لمستحقيه في أغلب الأوقات. أما من الناحية السياسية، تم تقليص الحقوق السياسية، مما أدى إلى زيادة الشعور بالقمع. وعلى الرغم من أن الأبحاث والمؤلفات الموجودة يمكنها تفسير نشأة الأنظمة الاستبدادية الإقليمية وأسباب استمرارها، إلا أنها لم تقدم تفسير لأسباب انهيارها. ومع ذلك، هناك بعض التفسيرات، مثل: الفساد، والمحسوبية، وعدم المساواة، والرغبة في تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية، وعدم تكافؤ الفرص في سوق العمل، والحداثة، وارتفاع مستوى التعليم، وذلك وفقاً لاسحاق ديوان، جامعة هارفارد ومنتدى البحوث الاقتصادية.
السلطة والدين
إن الحركات الإصلاحية الأصولية ليست مقتصرة على الإسلام. فهي ليست ظاهرة فريدة من نوعها، حيث يمكن الإشارة إلى حركات مماثلة في التاريخ والتي أنتجتها العديد من الأديان، بما في ذلك المسيحية والهندوسية والبوذية. ولكن ترجع خصوصية صعود الإسلاميين إلى أنه لا يوجد سلطة كنسية في الإسلام، باستثناء الشيعة في إيران. ومن هنا يأتي التنوع الهائل في كيفية تفسير الإسلام وتطبيقه.
ومع ذلك، صرح جون فيليب بلاتو، جامعة نامور وجامعة أكسفورد، أن هناك "إتجاه إلى صعود الإسلاميين عندما لا يكون هناك مؤسسات مركزية الإسلامية". فالبعض منهم هو حركات من إنتاج الدولة نفسها، والبعض الآخر ينشأ من قوى المجتمع المدني، ويتوقف على دوافعهم، سواء لتوطيد السلطة، أو لتقريب دول من بعضها البعض، أو مقاومة ضد النظم الاستبدادبة السياسية أو لمحاربة الغزاة الخارجيين. يصبح الدين أداة تحديد أيديولوجية للإسلاميين لجمع السلطة.
وهذه هي المرحلة التي يمكن للقادة استقطاب الجمهور حول بعض الأفكار، سواء حب أو كراهية، الإسلاميين مقابل العلمانيين، وخلق الكثير من الصراعات الفكرية داخل المجتمع. ومع ذلك، على مختلف الفصائل أن تتعلم أن تتأقلم وتستوعب الآخر. فبلا شك، لقد تغير المشهد السياسي بعد ظهور الإسلاميين على الساحة. ومن هذا المنطلق، من هو محفز التغيير القادم؟
وماذا يمكننا أن نفعل؟
أما السؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو ما إذا كان التغيير في الإدراك الاجتماعي والسياسي للسياسة والدين سيجلب الرضا أوالانسجام المطلوب في المجتمع. هل وجود الإسلاميين في السلطة سيعوق التحول إلى الديمقراطية؟ هل لديهم القدرة على حل القضايا أو المشاكل الملحة الراهنة؟ وبأي ثمن؟ وما الذي يحدد الثمن المعقول؟ والأهم من ذلك، إذا لا يوجد ترحيب بهذه الحركات الإسلامية، يجب أن يكون الشعب حذر لمنع الأسباب التي أدت لظهورهم. فبعد تعرضهم للاضطهاد على مدى عقود، يحرص الإسلاميون على البقاء في السلطة.
يتحقق الانسجام فقط عندما يكون النظام الحاكم ناجح على حد سواء في الحفاظ على الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب. في حالة مصر، يعد السبب الرئيسي وراء وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة هو أنهم منظمين سياسياً، فهم يتصرفون كمنظمة وليس كأفراد. فالوحدة السياسية ضرورية لضمان تحقيق واستمرار النجاح السياسي، والذي يسير جنباً إلى جنب مع التنمية الاقتصادية والرخاء. فلا يمكن للاقتصاد أن يزدهر في بيئة متقلبة سياسياً حيث يصبح الحكم متوتر بشكل كبير.